بعد قضاء ثلاث سنوات في معهد الحياة بالقرارة
أتيحت لي فرصة السفر لأول مرة إلى مدينة
الجزائر العاصمة خلال العطلة الصيفية لسنة 1959حيث يعمل ويقيم بعض أفراد العائلة اكتشفت المدينة عجائبها وغرائبها والحياة العصرية وشاهدت الفرق الموجود بيننا والمقدربستمائة عام (كلم) كيف لمراهق أن يفهم هذه المعادلة وماذا سيدورفي مخيله نمط من العيش مختلف تماما مع مانعيشه ينذر بمستقبل معقد بالنسبة إلى حياة مجتمعنا وكيف يمكن لمؤسساتنا التعامل معه وهل هي مستعدة لذاك اما انا فقد قررت ان اخوض التجربة
وا عيش هذا الواقع والإستفاذة من محاسنه أي البحث عن سبيل لمواصلة مسيرتي التعليمية وبأي كيفية كانت طبعا لم تكن من السهل في تلك الظروف المهم أن أدخل هذا المجتمع من بابه الأهم
فقضيت ثلاثة أشهر في مدرسة التكوين المهني بحي (زغارا) فكانت التجربة قصيرة حيث تقررإغلاق المدارس واستمرت الحياة وعايشت كل الأحداث في الحي الأوروبي
(باب الواد)
أشرقت شمس الإستقلال على الجزائروقلنا
نوفبر رمز لينا أولتاريخ سجلناه )
بلكلام والبارود نهضنا بعزم أو بعون الله
اللي استشهد من اولادنا ذاك فالجنة ربحناه
(واللي عاش بعد المحنة قال الحمد الله
تحررنا من العقد واتسع الافق وتعددت الفرص
فبالرصيد اللغوي الذي تحصلت عليه سابقا إتضحت لي الرؤيةولسيما وأن الوطن كان بحاجة إلى استرجاع مكانة اللغة العربية فبدأ المشوار
فانطلقنا في مسيرة طويلة كان هدفنا المستقبل و برنامجنا الإرادة ووسيلتنا الطاقة
الفترة التي عشتها في المدينة سمحت لي بالتعرف على جانب من الوسط الفني بصفة غيرمباشرة محاولا إيجاد كيفية لتنمية هوايتي بطريقةعلمية فكان لقائي بالفنان عبدالكريم تركي الذي كان منزله ملتقى الفنانين تلبية لرغبتي فتعلمت بعض قواعدالموسيقى الشرقية والعزف على ألة العود
بدأت مرحلة التجربة الفنية بلقاءات ودية وحميمية بما كنت أحفظه من المدائح القديمة (لبيات) والأنغام الشجية الموشحات الشرقية
والأغاني الشائعة ثم إنتاجات شخصية في إطار محترم ومحدود
ما كنت أنوي أن أقحم هذاالميدان
لولا أن فكرة الإهتمام باللغة ألميزابية ومستقبل ثقافتنا قد بدأت تراودني وذكريات الصبا والحنين الى الوطن يهزمشاعري فكانت نقطة التحول بتأليف بعض القصائد القصيرة تعبرعن إحساسي بمواضيع إجتماعية كالإغتراب الزواج المرأة وتعليم البنت فاتسعت الدائرة وشعرت بأهمية الموضوع فكان من الضروري الإتتقال إلى بلدي (أغلان). بعملية تحويل المنصب في إطار التعليم والعمل في الميدان
شتان بين الفكرة والتطبيق إصطدمت بحقائق لم أكن أتصورها إذ أن هذا النشاط يعتبر عمل مزدروهامشي لأسباب موضوعية طبعا لكنه موجود
فكان لزاما علي التأقلم مع هذا الواقع بعيدا عن الوسط الفني الموجود وإيجاد صيغة تمكنني من بلوغ الهدف المنشود وتحسين صورة هذا النوع من الفن بقصائد هادفة مستعملا الكناية البعيدة نطرا للظروف فاتخذت هذه الوسيلة لما لها من اهمية واثر في حياة الشباب المعني بالامر.
مرحلة تجريبية لم تخلو من الإثارة والجدل والإنتقادات أمر طبيعي والغرض التوعية والتحسيس بأهمية القضية ولسيما لدى الشباب وهو الأهم ثم استغلت وسائل التسجيل بعيدا عن الإثارة والجدل
فاصبح هذا الأمر تحد ومقاومة للجهل والتجاهل بانتهاج أساليب وطرق تهدف إلى محاولة تغييرواقع الغناء في المجتمع وليكون وسيلة وأذاة للتعرف على ثقافتنا محليا ووطنيا وترقية لغة الأم التي عانت الكثير من العقوق والتضليل وذلك ضمن القضية الوطنية